الجمعة , 29 مارس 2024

“ماما أوغاسو” .. ملاذ الأطفال المشردين في مقديشو

مقديشـو — قسوة ومخاطر حياة الأطفال المشردين في شوارع الصومال ألهمت “صراط محمد” (47 عاما) لإطلاق مشروع لانتشالهم وتأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع.

كل صباح، تقصد “صراط” التقاطعات والشوارع الفرعية والبنايات المدمرة في العاصمة مقديشو، حيث يقضي أطفال الشوارع لياليهم.

وهكذا تكفلت “صراط” بأكثر من 50 طفلا في بداية مشروع أطلقته أواخر 2020، عقب عودتها إلى بلدها بعد سنوات من الحياة في بريطانيا.

رعاية وتأهيل

على بعد كيلومترات من مقديشو، اختارت “صراط” موقعا لإنشاء مركز لرعاية وتأهيل الأطفال المشردين على نفقتها الخاصة.

واستمد المركز اسمه من لقب باتت تُعرف به “صراط”، وهو “ماما أوغاسو”، وهي كلمة محلية تعني البنت الشريفة.

ويحتوي المركز على غرف نوم ودراسة وصالة طعام ومسجد وملعب صغير لتلبية احتياجات الأطفال.

وقالت “صراط” للأناضول إن حلمها كان أن تساهم يوما في إنقاذ ولو طفل صومالي واحد، خاصة من المشردين، وأن تلعب دورا في مستقبله، ولو عبر نصيحة، وقد تحقق حلمها اليوم من خلال هذا المشروع.

وأضافت أن الفقر المدقع، الذي يطال نسبة كبيرة من الصوماليين، إلى جانب المعاملة القاسية التي يتلقاها أطفال بعد وفاة أحد الوالدين، من الدوافع التي حولت أطفال كثيرين إلى مشردين يتحملون أعباء حياة قاسية تفوق عمرهم.

وتابعت أنها تحاول قدر استطاعتها تلبية احتياجات هؤلاء الأطفال، والمساهمة في مستقبلهم حتى لا يستمروا في حياة الشارع.

وشددت على أن المشروع يحتاج إلى دعم حكومي كبير لهذه الشريحة التي قد تشكل خطرا على المجتمع، مالم يوفر لهم دعما لتأهيلهم.

ولم يكمل معظم الأطفال في مركز “ماما أوغاسو” العقد الأول من عمرهم، لكن قسوة الحياة حولتهم إلى “شبه عصابات”، وتكاد لا تخلو أحاديثهم من عبارات عن العنف والقتل والسرقة.

صدمات نفسية

في “ماما أوغاسو”، نادرا أن تجد طفلا لم يتعرض لصدمات نفسية أو جسدية بسبب حياة الشارع.

أحد هؤلاء الأطفال، وهو محمد عبد النور (13 عاما)، قال للأناضول: توفيت أمي وانتقلت إلى بيت جدتي، لكن الظروف المعيشية دفعتني إلى الشارع، وتأقلمت مع قسوة الحياة والاعتماد على نفسي للحصول على قوت يومي.

وأضاف، وهو مشتت الانتباه، أنه تعرض لاعتداءات جسدية أكثر من مرة، ومازال جراح بعضها باديا على أجزاء من جسده.

وبالرغم من توافر غرف في المركز تتسع لهؤلاء الأطفال، إلا أنهم ينامون في قاعة واحدة مع المشرفين، تفاديا لاحتمال وقوع اعتداءات جسدية فيما بينهم، وحتى تعود حياتهم إلى طبيعتها.

بعض الأطفال، وبحسب مشرفين في المركز، يعيشون مع اضطرابات نفسية نتيجة تعاملاتهم القاسية السابقة، ولا يزال العنف سائدا في بعض تصرفاتهم، بالرغم من لطف المعاملة وتعلمهم الأخلاق من جانب مشرفين مختصين.

أحلام صغيرة

وبالرغم من تباين الظروف واختلاف الأعمار بين الأطفال في المركز، إلا أنهم يحلمون جميعا بمستقبل مشرق ينتشلهم وينسيهم البؤس وصعاب الحياة القاسية.

وقال عبد السلام سيد عمر، للأناضول، إنه كان يفكر فقط في أين يبيت وماذا يأكل، لكن عند وصوله إلى المركز بدأ يشعر باطمئنان ويتعلم القرآن ويدرس موادا تعليمية ليكون مدرسا في المستقبل.

حُسن المعاملة والشعور بالحنان في المركز دفع عبد السلام إلى التفكير في أن يطلق هو أيضا في المستقبل مشروعا لتأهيل الأطفال المشردين.

وتابع: العيش في هذا المركز يحمينا من كل المخاطر التي كانت تحدق بنا في الشوارع.. سأواصل التعليم لكي أكون سببا في إنقاذ أطفال بلادي، خاصة المشردين.

وفي العطل الأسبوعية يقضي الأطفال أوقاتا ممتعة في أحد الشواطئ، كغيرهم من المواطنين الذين يتنزهون في شواطئ العاصمة، بعيدا عن أعباء الحياة والعمل.

وبالرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية حول فئة المشردين، ولاسيما الأطفال، إلا أن عددهم في ازدياد ملحوظ؛ جراء الفقر والمشاكل الأسرية وغياب مؤسسات معنية بتأهيلهم، مما يجعلهم أيضا عرضة لحوادث أمنية يشهدها الصومال من حين إلى آخر.

المصدر: الأناضول      الأصل: مشـاهدة الأصل

عن نور جيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *